في اللحظة التي سيودع فيها العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك، سنشهد كسوفًا كاملاً للشمس، الذي رغم أنه لن يرى في البلاد العربية، إلا أنه سيكون شاهدًا على صحة الحسابات الفلكية بإتقان.
قبل مجيء شهر رمضان المبارك، شهدنا حدثين فلكيين مهمين في شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت، إذ وقع كسوف للشمس على شكل “حلقة النار” يوم الرابع عشر من الشهر، لكن للأسف لم تكن البلدان العربية ضمن النطاق الجغرافي الذي يمكن مشاهدة هذا الكسوف فيه، إذ كان مرئيًا في أماكن معينة بالولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكذلك في دول أمريكا الجنوبية والوسطى. من جهة أخرى، شهدنا خسوفًا للقمر من النوع الجزئي يوم السبت الموافق الثامن والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، وكان هذا الخسوف ممكن المشاهدة بوضوح في الأقطار العربية.
مع انقضاء شهر رمضان المبارك، ستحظى أجزاء واسعة من القارة الأمريكية الشمالية برؤية كسوف كامل للشمس يوم الثامن من أبريل/نيسان. يبدأ هذا الحدث الفلكي في الظهور على الساحل المكسيكي المطل على المحيط الهادي صباحًا، ثم يمر بشكل قطري عبر الولايات المتحدة من ولاية تكساس وصولاً إلى ماين، قبل أن يختتم مساره في شرق كندا خلال فترة ما بعد الظهر المتأخرة. وفي الوقت نفسه، سيكون باقي من يعيشون في القارة على موعد مع الاستمتاع بكسوف جزئي للشمس.
يذكر إسماعيل جودة، مدير الجمعية الفلكية في مصر في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن الظاهرة الفلكية المنتظرة، على الرغم من أنها لن تكون مرئية في الوطن العربي، إلا أنها ستؤكد مجددًا على صحة الحسابات الفلكية الدقيقة. وهذا ما يمثل الأهمية العلمية البارزة لهذا الحدث بالنسبة لمنطقتنا.
ويشير إلى أن المناطق التي ستشهد الخسوف قد تمنح فرصة علمية قيمة لتحليل ودراسة العديد من الظواهر، وتشمل:
دراسة الهالة الشمسية: خلال الخسوف الكامل للشمس، يغطي القمر قرص الشمس المشع كلياً، مما يكشف الغلاف الغازي الخارجي الضعيف لها المعروف بالهالة، وهي مناسبة فريدة أمام العلماء لمتابعة وتحليل تركيب الهالة وحركيتها والتغييرات التي تطرأ على درجات الحرارة فيها، وتسهم هذه الاستكشافات في تقوية معرفتنا بعلم الفيزياء الشمسية وظواهر مثل اللهب الشمسي والإنبعاثات الهالية الكتلية، والتي قد تحدث تأثيرات على الأحوال الجوية الكونية والحقل المغناطيسي لكوكب الأرض.
إختبار الأفكار الشمسية: يمنح كسوف الشمس التام فرصة نادرة للتدقيق في الفرضيات النظرية وأنماط التوقعات المتعلقة ببنية الشمس الجوية وميادينها المغناطيسية وطاقتها الإشعاعية. عبر المقارنة بين المشاهدات الفعلية التي تتم خلال الكسوف والأنماط الحالية، يستطيع العلماء أن يعدلوا ويطوروا معرفتهم بالظواهر الشمسية.
دراسات الطقس والجو: النقصان المفاجئ في شدة ضوء الشمس خلال حدوث كسوف شمسي كلي ينتج عنه تحولات متسارعة في جو الأرض، تشمل هذه الانخفاض في درجة الحرارة وتبدلات في اتجاهات الرياح. يستغل الباحثون فترة الكسوف لإجراء مراقبة علمية لهذه الظواهر وفحص أثرها على أحوال الجو والتفاعلات المعقدة لغلاف الأرض الجوي.
علم الكواكب: للكسوف الشمسي الكلي أيضا آثار على علم الكواكب، حيث يمكن أن توفر الملاحظات التي يتم إجراؤها أثناء الكسوف رؤى قيمة حول الأجواء وأسطح الأجرام السماوية مثل القمر والكواكب، بما في ذلك تكوينها ودرجات الحرارة والخصائص الجيولوجية.